حجر الهيماتيت والذي يعرف أيضاً بمسمى حجر الحديد الصيني لدى العرب هو إحدى أنواع الأحجار الكريمة ذات البلورات السميكة واللون الرمادي المائل إلى الأسود ويشوبها اللون الأحمر المائل إلى البني في صورتها الخام، عثر عليه على سطح كوكب المريخ أيضاً في أول بعثة من الجوالات التي تحوي مختبرات مصغرة على متنها في عام 2001، وهو يتشكل من أكسيد الحديد الثلاثي وتقدر صلادته بين 5.5 إلى 6.5 على مقياس موس للصلادة ويعد من عائلة أكسيد المعادن الطبيعية ويتميز ببريق معدني على خلاف أغلب أنواع الحديد الأخرى، كما أنه من خصائصه إرتفاع كثافته وإرتفاع معدل إنكسار الضوء به مقارنة بأكسيد الألمونيوم والزركون وحتى الألماس.
حجر الهيماتيت “الحديد الصيني” صيغته الكيميائية Fe2O3 وهو لا يتخلله الضوء فهو معتم تماماً وتعد تلك إحدى السمات المميزة له، إلا في حال تم قطعة على هيئة شرائح منخفضة السماكة، وهو يتواجد في كثير من الأماكن أسفل التربة وبالصخور وعادة ما يكون متواجد معه معادن أخرى تشمل البيريت والماركسيت والكالسيت والألبيت. وعند النظر إلى تركيبه الكريستالي نجد بجانب أنه يتميز بالسماكة أنه مطابق لتركيب معدن الألمنيت وأكسيد الألمونيوم الكريستالي.
ويتشابه ذلك الحجر مع كثير من الأحجار الكريمة الأخرى ظاهرياً، إلا أنها تختلف من ناحية التكوين مثل أحجار البيريت والماركسيت المتشابهه ظاهرياً في لمعانها المعدني والمختلفة كل الإختلاف في تكوينها الكيميائي. جدير بالذكر أن شوائب حجر الحديد الصيني قد تكون عامل مؤثر في كثير من الحالات في تغيير خصائص الأحجار الكريمة الأخرى من حيث اللون مثل ما يحدث في أحجار الجارنيت والياقوت.
أماكن تواجده وإستخراجه
يمثل الهيماتيت المصدر الرئيسي في صناعة الحديد في الولايات المتحدة الأمريكية بما يقدر ب90% من المستخرج هناك، ويستخرج حجر الهيماتيت أو حجر الحديد الصيني في العديد من دول العالم التي تعد بعض من أبرزها ولاية ميناس جرايس بدولة البرازيل ومقاطعة كمبريا بدولة إنجلترا وجزيرة البا التابعة لدولة إيطاليا.
بجانب أنه يستخرج بجودة مرتفعة من دول المغرب وشمال إفريقيا وبنجلاديش والصين ونيوزيلاندا والتشيك والولايات المتحدة الأمريكية (ولايات مينيسيوتا وميتشيغان وأريزونا ونيويورك).
تاريخ حجر الهيماتيت “الحديد الصيني”
يرجع مسمى حجر الهيماتيت إلى الكلمة الإغريقية “الدماء” نظراً لوجود اللون الأحمر في بعض أصنافه وتجدر الأشارة هنا إلى عدم الخلط بينه وبين حجر الدم الشهير والذي يعد إحدى أنواع الكوارتز. وعند تقصي مصدر ومعنى كلمة هيماتيت بالإنجليزية، فنجد أنها إنحدرت من الكلمة الفرنسية المشابهة لها هجائاً، كما إنحدرت من من الكلمة اللاتينية “لابيس هيماتيتس” في القرن الخامس عشر والتي تم إشتقاقها أيضاً من الكلمة اليونانية القديمة التي تعني “حجر الدماء الأحمر”.
بينما عند تقصي مصدر مسمى “حجر الحديد الصيني” بالعربية نجد أنه يرجع إلى التبادل الثقافي والتجاري بين المنطقة العربية والصين. وعلى الرغم أن ذلك الحجر مسمى “بالصيني” فهو لا ينحصر إنتاجه فقط بالصين بل يمتد لكثير من دول العالم كما ذكرنا في أماكن تواجده وإستخراجه.
ومن المثير الإشارة إلى أن هذا الحجر قد إستخدمه الإنسان قديماً منذ ما يزيد على 164000 عام مضت في النقش الطباشيري على جدران الكهوف وعمل الرسومات، وقد تم العثور على رواسب من هذا الحجر أيضاً يرجع تاريخها إلى 80000 عام مضت في دولة بولندا بالإضافة إلى رواسب أخرى في دولة بلغاريا يرجع تاريخها إلى 5000 عام قبل الميلاد.
وقد تم العثور على كميات كبيرة من الهيماتيت في مناجم تقع بجزيرة البا في البحر المتوسط. جدير بالذكر أنه قد شاع إستخدام ذلك الحجر في صناعة الصبغة قديماً، إلا أنه بالأونة الأخيرة تم الإتجاه إلى بدائل أخرى أكثر جدوى من الناحية الإقتصادية.
كما سادت شعبية حجر الهيماتيت “الحديد الصيني” في أوروبا خلال الفترة الفيكتورية لإستخدامه في طلاء الذهب وصناعة الأحجار الكريمة، بجانب عمل الديكور والنقوش والقلائد.
معتقدات وأساطير
تعددت المعتقدات والأساطير حول فوائد حجر الهيماتيت خاصة العلاجية والشفائية، حيث عرف عنه قدرته على تحسين تدفق الدم والأوكسجين في الجسم بجانب التخلص من أعراض الحمى والإلتهاب وبث الشعور بالراحة والطمأنينة في الجسم.
كما عرف أنه يساعد على تهدئة العقل وتحسين التركيز والتفكير بحكمة طبقاً للمعتقدات الصينية القديمة، بجانب بث الشعور بالطاقة والصحة بالجسم عند إرتدائه.
يرمز حجر الحديد الصيني إلى كوكب المريخ في مجال الفلك، ويعرف بالأساطير العربية بقدرته على الحماية ونشر البركة والوقاية من الحسد طبقاً لما ورد في بعض الكتابات القديمة.
تمييز ومعرفة حجر الهيماتيت “الحديد الصيني”
عملية التعرف على حجر الهيماتيت وتمييزة عن الأحجار الأخرى هي عملية سهلة على نحو كبير مقارنة بالأحجار الكريمة الأخرى حيث أنه من المستبعد أنه يختلط الأمر بينه وبين أي من الأحجار الأخرى. يمكن التعرف عليه من خلال كثافته الشديدة ولمعانه المعدني المشابه للمعان الحديد. بينما في حال ما إذا لم يكن مصقولاً فيمكن التعرف عليه من خلال لونه الأحمر المائل للبني.
كما أن تركيب الهيماتيت “الحديد الصيني” ثلاثي الأوجه مثل أحجار الزفير والياقوت. بجانب ذلك فإن صلادته تعد أقوى من صلادة الحديد النقي مشابهاً للأوبال والفيروز. تجدر الإشارة هنا إلى أنه أحياناً يتم الخلط بين الهيماتيت والهيماتين الذي يعد أحد أصناف الهيماتيت التي تتميز بالمغناطيسية حيث أن الهيماتيت الطبيعي لا يتميز بالمغناطيسية ولكن يمكن جعله ممغنط من خلال إخضاعه لعملية تتألف من التسخين ومن ثم التبريد أثناء إتصاله بمغناطيس قوي.
مجوهرات حجر الهيماتيت “الحديد الصيني”
حجر الهيماتيت أو حجر الحديد الصيني من الأحجار التي من غير الشائع إستخدامها في صناعة المجوهرات والأحجار الكريمة في مختلف دول العالم بإستثناء بعض الدول العربية التي يكثر الطلب بها على ذلك النوع من الأحجار بسبب المعتقدات والأساطير المنتشرة عن فوائده.
عادة لا يتم معالجة حجر الهيماتيت “الحديد الصيني” قبل إستخدامه في صناعة المجوهرات، إلا أنه من المعتاد معالجته بالحرارة عند إستخدامه في صناعة المجوهرات المتنوعة تجارياً.
من الممكن العثور على ذلك الحجر مستخدماً في شتى أنواع المجوهرات بداية من الخواتم المرصعة وحتى القلائد والتمائم. أما من الناحية السعرية فهو يتوافر بأقل من 100 دولار بكثير لدى العديد من المتاجر ويتم شرائه إستناداً إلى حجمه وليس وزنه بالقيراط، وتجدر الإشارة هنا إلى أن النقوش والخاتم بحد ذاته أو المحبس سواء ما إذا كان مصنوع من الذهب أو الفضة عامل مؤثر على سعر الخاتم يجب أخذه بالإعتبار.
ومن المعتاد أن نجد بعض النقوش على سطح هذا الحجر سواء ما إذا كانت عبارات أو رسومات لها علاقة بالأساطير السائدة في المناطق التي يتم البيع بها.
جدير بالذكر أنه على الرغم من أن حجر الهيماتيت ليس بالصلد مقارنة بغيره، إلا أنه يتميز بقدرته على الصمود لفترات طويلة من الزمن، ويعد مناسباً خاصة في صناعة مجوهرات الرجال شاملة مشابك روابط العنق والأزرار الأنيقة.
ينصح بتجنب إستخدام الموجات فوق الصوتية والبخار والكيماويات والأحماض والسوائل النشطة في تنظيف حجر الحديد الصيني “الهيماتيت”، حيث يتم تنظيفه بإستخدام قليل من الماء الدافيء على قطعة من القماش ثم تجفيفه جيداً بعد ذلك وحفظه بعيداً عن الأحجار الكريمة الأخرى.