حجر الكسندريت الذي يعرف أيضاً بمسميات “حجر الاسكندر”، “حجر القياصرة والنبلاء” يعد إحدى أندر الأحجار الكريمة الملونة الطبيعية المكتشفة حتى الأن والتي تتميز بجمال مبهر يوازي جمال أحجار الياقوت والزفير وغيرها من الأحجار الكريمة الشهيرة التي لربما يفوقها في بعض الأحيان جمالاً وقيمة نظراً لأنه يكسب مرتديه مظهراً فريداً و إطلاله مميزة غير مألوفة. من منظور علم الأحجار الكريمة ألوان حجر الكسندريت هي عبارة عن متغيرات ألوان عنصر الشريسوبيريل “chrysoberyl” الذي يعرف أيضاً بمسمى السيكوسيليكات. والذي على الرغم من إسمه “شريسوبيريل”، الذي يشير إلي ألومنيات البريليوم، فهو في الواقع لا ينتمي إلى مجموعة معادن البيريل الشهيرة. ولكن بدلاً من ذلك فهو يصنف على أنه مجموعة معدنية مستقلة بذاتها.
لكن لماذا يطلق على حجر الكسندريت هذا المسمى و ما علاقة هذا الحجر بالاسكندر؟ حسناً، للإجابة على هذا السؤال سيكون علينا حتماً التعمق في تاريخ هذا الحجر، دعنا نعود إلي تاريخ إكتشافه أولاً الذي يرجع فيه هذا الفضل إلي أحد العاملين الفرنسيين بمجال المعادن وإستخراج الأحجار الكريمة يُسمى نيلس غوستاف “Nils Gustaf Nordenskiöld” (ولد في عام 1866 وتوفى في 1792 ميلادياً)، قام غوستاف عام 1834 بإكتشاف حجراً مشابهاً لحجر الزمرد لكن يتميز بخصائص مختلفه من أحد مناجم الزمرد التي تقع في منطقة جبال الأورال في روسيا بالقرب من نهر توكوفايا “Tokovaya”. أثار ذلك الحجر إنتباة العلماء ليتم فحصه لاحقاً وتصنيفه على أنه إحدى أنواع مجموعة متغيرات ألوان الشريسوبيريل التي تعرضت للتأثر بعنصر الكروم.
وهكذا، يرجع تفسير إطلاق ذلك المسمى على الحجر إلى إسطورة تقول أنه قد تم إكتشاف حجر الكسندريت في ذات اليوم الذي بلغ فيه قيصر روسيا المقبل “الكسندر الثاني” العمر المناسب لتولي الحكم، منذ تلك اللحظة تم إعتبار حجر الكسندريت هو حجر القياصرة والنبلاء الروس بالإضافة إلى أنه لاحقاً تم إعتباره الحجر الكريم الذي يرمز للإمبراطورية الروسية بكاملها.
يتميز حجر الكسندريت بخاصية مدهشة يُشار إليها بظاهرة تغير الألوان و التي تعرف أيضاً بإسم “تأثير الكسندريت” التي يمكن ملاحظتها في ظل توافر ظروف إضاءة معينة، عادة ما تتمثل في متغيرات ضوء النهار والإضاءة المتوهجة. لكن ما هي خاصية تغير الألوان تحديداً؟ وماذا تعني؟ بكل بساطة خاصية تغير الألوان “تأثير الكسندريت” تحدث في ظل تغير قوة الضوء وزاوية سقوطه على حجر الكسندريت وزاوية رؤيته وعرضه ليبدو بألوان مختلفة كلما تغيرت تلك الظروف، تنحصر تلك الألوان في اللون الأخضر، الأحمر، البرتقالي، الأصفر. وعادة ما يظهر حجر الكسندريت بلون الزمرد الأخضر في وضح النهار، بينما يظهر بلون توت العليق الأحمر تحت الإضاءة المتوهجة. ويمكن أن يظهر أيضًا باللون المصفر والوردي. جدير بالذكر أنه توجد أنواع من الألكسندريت قد تظهر بتأثيرات عين الهر (عين القط) عندما يتم تقطيعها وتشكيلها بشكل محدد (غير مصقولة). وتنتج ظاهرة تغير الألوان “تأثير الكسندريت” نتيجة للإمتصاص الشديد للضوء في الأجزاء الزرقاء و الصفراء من أطياف الألوان.
فحص حجر الألكسندريت و التعرف عليه
أغلب أحجار الشريسوبيريل تكتسب لونها من تواجد عنصر الحديد، لكن يكمن السبب وراء إكتساب حجر الكسندريت لألوانه وجود أثار من عنصر الكروم. وهكذا من خلال إجراء التحليل و الإختبار الطيفي يمكن تمييز أحجار الكسندريت عن الأحجار الأخرى المماثلة بسهوله. جدير بالذكر أن الأنواع الإعتيادية من الشريسوبيريل قد تحتوي أحياناً على أثاراً من عنصر الكروم ولكن على الرغم من ذلك لا يتم تصنيفها على أنها حجر الكسندريت طالما لا تتميز بخاصية تغير الألوان التي أشرنا لها.
مصادر وأماكن إستخراج حجر الكسندريت
كان المصدر الأساسي لأحجار الالكسندريت يعود إلى منطقة في جبال الأورال في روسيا، والتي كانت تضم عدد من المناجم التي كان يتم إستخراجها منها والتي نتيجة لكثافة العمل الذي تم بها إستنفذت منذ فترة طويلة. كان يسود إعتقاد ظل لبعض الوقت أن المناجم التي تم العمل بها من جبال الأورال هي المصدر الوحيد لحجارة الكسندريت الكبيرة الحجم نسبياً، على وجه التحديد العينات التي تزن 5 قيراط أو أكثر، لكن في الآونة الأخيرة من عام 1987 تم إكتشاف عينات كبيرة إستخرجت من ولاية ميناس جيرايس في البرازيل. لاحقاً تم إكتشاف أحجار الكسندريت وإستخراجها في مناطق ودول أخرى تشمل ميانمار (بورما)، وسريلانكا وتنزانيا والهند (اندرا براديش) ومدغشقر.
الألوان
على جانب خاصية تغير الألوان في حجر الألكسندريت، تتواجد عدة أنواع طبيعية منه لكل منها ألوان جذابة و رائعة تميزها والتي تكتسبها من خلال إختلاف طبيعة الشوائب الموجودة بداخلها. على سبيل المثال، حجر الكسندريت الأخضر يكتسب لونه بسبب وجود شوائب من عنصر الكروم تدخل في تركيبه. وهكذا توجد أنواع أخرى من أحجار الكسندريت تشمل تلك التي يتم إستخراجها من مناجم تقع في دولة سريلانكا تحديداً في (سيلان) حيث تتميز بألوان متدرجة متغيرة من اللون الكاكي إلى اللون البني نتيجة لوجود شوائب عناصر مختلفة في تكوينها. بينما يوجد نوع أخر من تلك الأحجار يرجع أصلها إلى زيمبابوي تتميز بمتغيرات قليلة محدودة في الألوان عادة ما تكون داكنة اللون ذات درجات من اللون الأرجواني. بالإضافة إلي أن أحجار الكسندريت التي يتم إستخراجها من تنزانيا تميل إلى أن تكون أخف لوناً بينما يعد تغير اللون بها متوسطة وجيدة. بينما أحجار الكسندريت التي يتم إستخراجها من البرازيل تشتهر بأنها داكنة للغاية حيث تشمل متغيرات لونها اللون الأزرق إلى اللون البنفسجي. ويلاحظ أن أحجار الكسندريت المفضلة والمرغوب هي التي تتميز بدرجات ألوان نقية وواضحة بالإضافة إلى قوة خاصية تغير اللون فيها.
القطع
تتراوح درجة وضوح حجر الكسندريت الخام ما بين الدرجة الشفافة إلى الدرجة المعتمة قبل تعرضه للقطع بينما عادة ما تبدو أحجار الالكسندريت بمظهر من النقاء و الصفاء فور تقطيعها وصقلها بالإضافة لتميزها ببريق زجاجي لامع. وتُعرف سريلانكا بإنتاجها لأنقى أحجار الإلكسندريت التي غالباً ما تكون خالية من أي شوائب مرئية على الإطلاق. ويلاحظ أن أحجار الكسندريت ذات الجودة الجيدة قد تتخطى قيمتها أحياناً قيمة الياقوت الأزرق والزمرد والياقوت الأحمر خاصة الأحجار التي يزيد حجمها عن 1 قيراط. أما بالنسبة للحجم، فمن النادر العثور على أحجار من الألكسندريت بأحجام كبيرة وتعد الأحجار التي تزن أكثر من ثلاثة قيراط نادرة للغاية.