الطغراء عبارة عن اسم السلطان بحروف مجدولة و متداخلة علي سبيل الزخرفة صارت مع الزمن شعارا للدولة العثمانية يختم بها السلطان علي الأوامر و الفرامانات و المراسيم و الحجج و السكة ( العملات المعدنية ) و البراءات التي تمنح للوزراء و الشخصيات الرفيعة وعلي الرسائل المرسلة من السلطان الي حكام الدول الأخرى و أي وثيقة او مستند لتمثل التصديق عليه .
أحتلف المؤرخون في اصل الطغراء فيقول البعض انها قد تكون محرفة من كلمة طرغاي التركية و معناها الواقف أو المنتصب و قد تكون تحريفا لكلمة طغرل بمعنى صقر او طائر اسطوري و هناك راي اخر يقول انها مشتقة من كلمة طوغ بمعنى شعر الخيل كما انها تعني خصلة شعر تشبك في دبوس مرصع و ترشق في عمامة ( الخاقان ) .
و يقول البعض ان السلطان المغولى تيمور لنك حفيد جانكيز خان ارسل إنذارا للسطان العثماني بايزيد بن مراد الأول وهدد بالحرب ووقع ببصمه كفه ملطخة بالدماء علي صفحات هذا الإنذار فتكون بهذه البصمة الشكل البدائي للطغراء و تطورت مع مر العصور و اختلاف السلاطين و لكن في الحقيقة ان اقدم طغراء معروفة كانت للسلطان الثاني للدولة العثمانية أورخان غازي ( 1324م – 1360م) و بقيت حتي نهاية حكم السلاطين و انتهاء الخلافة العثمانية و قيام دولة تركيا الحديثة سنة 1922 م .
و تعد الطغراء قمة الجمال الفني في الخط العربي لما لها من شكل مميز يصعب تقليده الا للمختصين بعد تدريب مع موهبه لفترة طويلة كما تعد الغراء ارقي ما توصل اليه فن التجريد في الحرف العربي و هي اثبات علي قدرة الفنان في الابداع و الابتكار و مما لا شك فيه انها صورة فريدة حققت ما يمكن ان تصل اليها معاني الخطوط و الاشكال التجريدية للخط العربي و ابلغ دليل علي ذلك علي انه حين زار الفنان العالمي الاسباني ( بابلو بيكاسو ) أحد معارض الخط العربي و وقف امام أحد اللوحات الطغرائية قال ( لقد وصل هذا الفن الي اقصي درجة اردت ان اصل اليها ) .
مما تتكون الطغراء :
عندما تطورت الطغراء و انتقلت من صورتها البدائية الي صورتها المتطورة و شكلها المتكامل الحالي كان لها اقسام أربعة تتشكل منها
الصرة : الصرة أو القاعدة أي الجزء السفلي للطغراء حيث يبدأ به النص و يوحى بشكل الكمثري . و في مراحلها الاولي كانت اقرب للاستطالة لكنها اخذت تضيق من اعلي في عهد السلطان سليم الثانى ثم استدارات القاعدة حتى استقرت علي شكلها الأخير .
البيضة : و تعني القوسين الناتجين غالبا عن كتابة حرفي النون في كلمة ( خان ) و كلمة ( بن ) و هي تنقسم الي جزئين
-القوس الخارجي و يسمى البيضة الخارجية
-القوس الداخلى و يسمى البيضة الداخلية
وتقع البيضة في الجهة اليسري و استدارتها رائعة تتناسب مع الصرة في اتزان جميل و عندما اضيف لاسم السلطان كلمة مظفر مد حرف الراء ليقطع قوسي البيضة مما زاد من جمال هذين القوسين و في وسط البيضة كلمة دائما و هي كلمة دعائية تعنى ان يكون السلطان مظفرا دائما أي منتصر دائما .
الطوع : الطوع او الطغ و يطلق علي الخطوط الناتجة عن مد حروف الالف و اللام أو الطاء و الظاء في اعلي الطغراء و منها اشتق الاسم و أحيانا نجد الطوغات لا تمثل أي حرف و انما هي عبارة عن خطوط مكملة لشكل الطغراء و يتدلي من كل طوغ ما يشبه الاعلام التي كانت تخفق و تسمى الواحدة ( زلفة ) و لكل طغراء ثلاث طوغات و ثلاث زلف و الطوغات الثلاثة متوازية و كان لبعض الطغراوات المبكرة اكثر من ثلاث طوغات .
قول : ويمثل في ذراع الطغراء الأيمن الذي يمتد بشكل خطين متوازيين مع انحناءة لطيفة تكملة الصورة الموسيقية لهذا التجريد الرائع و علي جانب الطغراء الأيمن المقابل للبيضة شعر الخطاطون بأن هناك فراغا فشغلوه بالقاب خاصة بالسلطان فكتبوا ( الغازي ) أو ( رشاد ) أو ( عدلى ) و تسمي هذه الكلمات ( مخلص ) و أحيانا كان يشغل برسم بعض الازهار .
كاتب الطغراء :- كاتب الاطغراء او ( النشانجي ) و يعرف بمفتي القانون و يطلق عليه الطغرالي او التوقيعي و هو يعد من أصحاب المناصب الرفيعة في البلاط العثماني و هو بدرجة وزير و كان يرتدي ملابس خاصة و يعد خبيرا بقوانين الدولة فهو الذي يكتب الفرامانات و البراءات و الرسائل الخاصة بالحكام الأجانب فهو حامل سر القرارات السلطانية و هناك بعض السلاطين كانوا يكتبون الطغراء بأنفسهم مع اجادتهم الخط العربي كالسلطان محموج بن عبد المجيد .
من افضل كتب الطغراء علي شكلها المثالي و قواعدها التامة ( مصطفى راقم ) و ( سامى أفندي ) و ( إسماعيل حقى ) .
أهمية الطغراء التاريخية :- لقد ساعدت الطغراء علي البحث و التدوين للعهود التي كتبت فيها كعهود السلاطين العثمانيين و في تمييز كل عهد عن غيره من جميع النواحى و العملات المعدنية كان لها دور كبير في تدوين التاريخ و مدة حكم كل سلطان و علي امتداد ستة قرون تجمعت الاف من الوثائق و المستندات و المعاهدات و الفرمانات و النقود بكافة اشكالها معدنية أو ورقية و منها ما هو محفوظ في المتاحف و المكتبات و المجموعات الخاصة .